بسم الله الرحمان الرحيم
أول ما خلق الله تعالى طبيعة الحرارة و أصلها من الحركة التي هي قدرة الله تعالى و علة العلل في الاشياء المتحركات ثم خلق الله تعالى طبيعة البرودة و أصلها من الكون الكوني الذي هو قدرة الله و علة العلل في الاشياء الساكنات,فهذان أول زوجين.قال تعالى ومن كل شيئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون...ثم تحرك الحار على البارد بسر ما اودع الله فيه من الحركة المذكورة فامتزجا فتولد من الحرارة اليبوسة و تولد من البرودة الرطوبة,فكانت أربع طبائع مفردات في جسم و احد روحات و هو أول مزاج بسيط ثم صدت الحرارة بالرطوبة فخلق الله منها طبيعة الحياة و الأفلاك العلويات و هبطت البرودة مع اليبوسة ال اسفل فخلق الله منها طبيعة الموت و الافلاك السفليات .
ثم افتقرت الأجسام الى ارواحها التي صعدت عنها,فأدار الله تعالى الفلك الاعلى دورة ثانية فامتزجت الحرارة بالبرودة و الرطوبة باليبوسة فتولدت العناصر الاربعة و ذلك انه حصل من مزاج الحرارة مع اليبوسة عنصر النار , و حصل من مزاج الحرارة مع الرطوبة عنصر الهواء , و حصل مزاج الرطوبة مع البرودة عنصر الماء , و حصل من مزاج اليبوسة مع البرودة عنصر التراب.
فهذا مزاج العوالم و هو مركب الازدواج للطبائع مرتين,فخلق تعالى منه العوالم العلوية و ركب منه المعدن فهو أول المركبات الثلاثة .
ثم ادار الله الفلك الأعلى الى اسفل دورة زائدة ثالثة فتولد النبات و الحيوان البهيمي , ثم أدار الله الفلك الاعلى الى أسفل دورة رابعة فتولد الحيوان الناطق الانساني و هو ىخر المركبات و أحسنها و اكملها تركيبا و هو غرضنا لما نحن بصدده من هذا العلم الطبيعي.قال الرسول صلى الله عليه و سلم خلق الله الانسان من اربعة الماء و الطين و النار و الريح.أما اذا كثر من الماء فيكون حافظا او عالما او فقيها أو كريما, و اما ان كان كثر من الطين فيكون سفكا خبيثا مفلسا في الدنيا و الاخرة.و اما ان كان كثر من نار فيكون عوانا او ظالما و اما اذا كثر من الريح فيكون كذابا. صدق رسول الله حبيب الله.