دي الوقت فهمت سبب الرسومات القديمه في الكهوفSunah

مقال جميل

يقول الدكتورعلي النشمي:
يعتقد الكثير من الناس في الوقت الحاضر بان السحر عبارة عن خرافة لا اساس له، وان هذه القدرة التي يتكلم عنها الكثيرون لا وجود لها الا في عقول بعض المرضى والمعقدين والفاشلين ، لكن هذا الاعتقاد الحديث لم يكن هو نفسه لدى الانسان القديم، فالانسان القديم كان يؤمن بالسحر ايمانا مطلقا بل ان حياته عبارة عن رد فعل لقدرات سحرية ويكفي ان نقول بان الدين الاول والقناعة الدينية الاولى لدى الانسان القديم كانت عبارة عن الايمان واستخدام السحر،


وهذه الظاهرة تنطبق على كل الحضارات ويمكن القول ان السحر هو المرحلة الاولى للقناعة الانسانية بالاشياء الميتافيزيقية، والسحر بدأ مع بدايات الانسان ، فمنذ الايام الاولى لحياة الانسان القديم وحينما كان يسكن الكهوف بشكل فردي او على شكل عوائل صغيرة فان هذا الانسان الاول اعتقد ومارس السحر من اجل حياته وبقائه ومعيشته ، فالانسان القديم الاول البدائي كان يعتمد في قوته على الصيد ، ولهذا كان الصيد هو النشاط الاقتصادي الوحيد وبدونه لا حياة للانسان منذ آلاف السنين لانه لم يكن قد اكتشف الزراعة ولهذا كان عليه ان يجتهد كل الاجتهاد من اجل تحقيق حياته وهذا لا يتم الا بأحكام طرق صيد الحيوانات حيث كان يرسم صور الحيوانات التي يريد اصطيادها وبعد ان يتم الرسم يقرأ تعاويذ معينة على هذا الرسم المرسوم على جدار الكهوف ، وهذه التعاويذ تعطيه القدرة والقوة والشجاعة والصلاحية في صيد هذا الحيوان، وايضا فان قراءة هذه التعاويذ السحرية على هذه الرسوم تجعل الحيوانات المرسومة فاقدة للقوة وللحيلة وتكون اضعف مما كانت لان هذه التعاويذ السحرية ستخسر طاقة ما توجه الى جسم هذا الحيوان لتصيبه بالضعف ومن اجلها كان على الصياد قبل ان يذهب الى الصيد يقوم برسم الصورة ثم قراءة التعاويذ الخاصة وبعد ذلك ينطلق بكل ثقة وحماسة خارج الكهف كي يصطاد حيوانه الذي رسمه، ولهذا فان رسوم الحيوانات التي وجدناها في الكهوف الفرنسية والايطالية والليبية والتي تعود تاريخها لاكثر من ثلاثين الف سنة تؤكد هذا الفعل السحري الذي كان يمارسه الانسان القديم ولم يكتف هذا الانسان باستخدام السحر في الصيد فقط بل اخذ يمارسه في كل حياته ، فالمرض ما هو الا فعل سحري شيطاني لا يمكن ان يعالج الا بالسحر وهكذا النحس والحسد وسوء الطالع والنجاح والفشل والموت والزواج والانجاب كلها فسرها تفسيرات سحرية لا يمكن التعامل معها الا بالسحر وقناعة الانسان القديم هذه في التعامل مع السحر وكيفية استخدامه او الخلاص منه كانت ترتكز على قاعدتين اساسيتين مهمتين ، القاعدة الاولى تسمى بقاعدة العلل او الاسباب المتشابهة تنتج عنها نتائج متشابهة وعلى اساس هذا المبدأ كان الانسان القديم يرسم صور الحيوانات لان رسم الصورة المتشابهة والتحكم بها وضربها بسكينة معينة او بصخرة معينة سينتقل هذا الفعل من على الصورة الى تأثير يصيب الحيوان المرسوم من خلال قراءة التعاويذ السحرية، وحسب هذه القاعدة فان الانسان القديم والساحر القديم كان اذا اراد ان يؤذي او يقتل انسانا اخر فانه يصنع دمية شبيهة بذلك الانسان وحتما تكون دمية صغيرة وبعد ان يضع هذه الدمية يحمل بيده سكينا او ابرة يغرزها في داخل الدمية ومن خلال قراءة التعاويذ السحرية فان الضرر الذي يصيب الدمية سينتقل فعليا الى جسد الانسان الشبيه بهذه الدمية على اساس القاعدة السحرية السابقة” الاسباب المتشابهة تؤدي الى نتائج متشابهة “ ولذلك فان الساحر العراقي القديم كانت لديه انواعا متعددة من الدمى كي يستخدمها في ايذاء بعض الناس عندما يأتي الزبائن طلبا لايذاء اشخاص معينين من خلال السحر اما المبدأ الثاني الذي يرتكز عليه السحر فهو مبدأ المصاصية، وهذا المبدأ يعني ان اخذ اية قطعة من ملابس الانسان او شعره اوزاره سوف تعني القدرة على نقل الاذى الى الشخص نفسه لان هذه الاشياء قد صاحبت الانسان وحملت جزءا من روحه وان ايذاءها او حرقها يعني ايذاء الشخص نفسه من خلال قراءة التعاويذ السحرية، ولذلك فان الساحر القديم والحديث ايضا يطلب اشياء من ملابس الشخص المقصود او شعره او ظرسه المخلوع او اظافره فان الساحر سيقوم بأيذاء الشخص المقصود تحت اساس قاعدة المصاصية او الجزء وضمن هاتين القاعدتين السحريتين كان يرتكز السحر القديم وقد تركت لنا الكتابات المسمارية تراثا كبيرا من المعلومات الخاصة بالسحر، حيث يقول احد العلماء الاميركان ببحث له في مجلة سومر ان عدد ما اكتشف من الواح سحرية بلغ نصف مليون لوح حتى عام 1948 وقد اكتشف اضعاف هذا العدد فيما بعد ونهب وخرب اضعاف هذا العدد من قبل اللصوص” والحواسميين “ . اذن لدينا تراثا ثرا من المعلومات السحرية وما ضاع منها اكثر وما يزل الكثير منها تحت التراب .

بارك الله فيك ياشيخ ابوجلال